تبسمك في وجه أخيك صدقة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
مختلفة، وأينما وجهت نظرك فإنك لا بد أنك واجد بابا للصدقة، وما أحلاه من باب عندما تلجه، ويسارك لا تعلم ما أنفقت يمينك فإن الصدقة من محاسن الإسلام، وهي ليست حكرا على من يملك المال، بل هي عامة لعموم أبناء الأمة فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال “كل معروف صدقة” وهذا تعميم لا تعرفه حضارة أخرى غير الإسلام، وإن تبسمك في وجه أخيك صدقة، فهل أكثر من ذلك؟ ورغم ذلك، وسهولة تحقيق الصدقة، فإنها ذات ثواب عظيم وكبير، وقد وعد الله تعالى عباده الصادقين والمتصدقين بأوفى الجزاء وأجزل العطاء يوم الحساب، وإن النظرة الإسلامية للصدقة هي من الشمولية والروعة لدرجة تجعل منها قاعدة مطلقة في السلوك الإسلامي.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تكف شرك عن الناس فإنها صدقة” وفي حديث شريف آخر” نفقة الرجل لأهله صدقة” ويقول صلى الله عليه وسلم ” كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين اثنين صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة” وفي حديث شريف آخر يقول صلوات الله وسلامه عليه ” إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة” فسبحان الله، هذا هو الجمال الحقيقي للإسلام الحنيف الذى يجعل لك الثواب في كل أفعالك ما دامت في إطار تقوى الله، ومحاولة نيل رضوانه.
وإن الصدقة تطلق على جميع أنواع المعروف والإحسان دون الفرائض والواجبات التي يستوى فيها من عنده مال ومن ليس عنده، والصدقة بمعناها الشمولي لا تقتصر على الأغنياء فالحرص الحرص على الصدقة فالإسلام الحنيف بتعاليمه ومبادئه كله خير بخير وذلك لعظيم نفعها، وكبير ثوابها، وهي بحاجة إلى أن يحافظ عليها الإنسان فعلا واستمرارية، بمعنى لا يبطلها بالسيئات وبالأفعال غير المقبولة، فقال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى” نعم فالمن والأذى يبطلان الصدقات وإن من فضل الله تعالى وتوفيقه، وله مزيد الحمد والشكر، أن صدقة السر قد أصبحت في هذا الزمان من أيسر الأمور وأسهلها إذ يمكنك أن تتصدق وأنت في بيتك، لا يراك أحد، ولا يعلم بما قدمته إلا الله.
ولا يكلفك هذا قياما من مكانك ولا خروجا من بيتك، بل من خلال هاتفك المحمول الذي تتصفحه، تدخل إلى حسابك المصرفي، وتتصدق بصدقة سر لا يعلمها إلا الله، من خلال تحويل ما تجود به وتقدمه لنفسك أو لوالديك أحياء وأمواتا فمن أعظم البر أن تكثير حسنات الوالدين بالصدقات فهما سبب وجودك في الحياة وفعل الصدقة كفعل الخير، مستمر ومتواصل ومتنوع وهو يعطي الحياة الإسلامية جمالها فبها تتم صلة الرحم، وبها تقترب الأفئدة والقلوب من بعضها، وبها يشعر الغني بمعاناة الفقير، وبواسطتها تشرق البسمة على شفاه اليتامى والفقراء والمساكين والمؤلفة قلوبهم، وإن ما نراه اليوم وللأسف الشديد يفجع القلوب ويتمعّر له الوجه.
فإن حال أمة الإسلام أصبح لا يسرّ على الإطلاق، فهناك تطاحن وتناحر وقلة ارتداع، وهذا الحال ينبئ بكارثة لا قدر الله ذلك إن لم نفق من غفلتنا، وننهج صراطنا المستقيم بعد أن ضللنا، إلا ما رحم الله من عباده، ولقد ضيّعنا اللب والجوهر، فأصبحنا اليوم أدنى الأمم تكاتفا وتآلفا وتعاضدا، فالتشدق بقيم الإسلام دون النزول عند مُستَحقاتها، ذلك عين الحمقِ والغباء قطعا، فإن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.